The King
المساهمات : 23 تاريخ التسجيل : 18/06/2008
| موضوع: إختطاف عقل الجزء الخامس الأربعاء يونيو 18, 2008 3:39 pm | |
| [ عمر.. عاشق الحرية ! ]
ها هو عمر يطرق أبواب الجامعات.. يقدم أوراقه إليها ويطلب الالتحاق بها.. فكان الرد يأتيه دوما بعدم القبول !! علم بذلك معاذ فقال له : - أنت السبب الوحيد في ذلك يا عمر ولا تلم أحدا غيرك.. فهذا ما جنته يداك ! نظر إليه عمر لحظات.. ثم قال : - خذ الحكمة من أفواه المجانين ! دخل عمر غرفته.. وفتح حاسوبه.. ثم اتصل بالانترنت.. في (الماسنجر) كان عمر يحادث شابا تعرف عليه من خلال (الشات).. أعطاه ذاك الشاب رابطا لأحد المواقع.. فتحه عمر : [ رابطة الليبراليين العرب ] .. تصفح عمر هذا الموقع.. وصار يتنقل بين أقسامه.. فكان مما شاهده.. العناوين التالية : [الحجاب بدعة لا أصل لها في الدين!] [الإرهابي فلان يقول: على هذا تربيت في الحلقة!] [هل القرآن محرف؟] [الدين النجدي يحرم الاختلاط!!] .. وعمر يضغط على كل عنوان من هذه العناوين المثيرة التي تحمل أفكارا جديدة وجذابة بالنسبة إليه وأخذ يقرأها متتابعة.. صار عمر يتردد على هذا الموقع حتى عرف أعضاءه قبل مشرفيه.. ثم قام فيما بعد بالتسجيل في هذا الموقع.. تردد مجددا في اختيار الاسم.. سكت عمر وأخذ يفكر.. وفي هذه اللحظات قطع تفكيره صوت تلك النغمة تلاها رسالة خرجت من زاوية الشاشة : [تم تسجيل دخول الحنون] ..!! مباشرة قام عمر بإعطاء الرابط لمعاذ.. فقام هو الآخر بزيارة لهذا الموقع.. ثم قال عمر : - أنا قررت التسجيل في هذا الموقع.. اقترح علي اسما مناسبا ! فكر معاذ.. لكن عمر عاد فقال : - يعجبني اسم (عاشق الحرية) ما رأيك ؟ قال معاذ : - أووه رائع جدا.. في الحقيقة أنا أريد التسجيل أيضا.. اقترح علي اسما.. قال له عمر : - أنا لدي فكرة.. ما رأيك يا معاذ أن تنتحل شخصية فتاة وتجعل اسمك (المتحررة)..؟! ابتسم معاذ موافقا وقال : - يا لك من عفريت.. أصبحت تفوقني في هذه الأمور !! صار عمر يشارك في هذا الموقع بكتابات كثيرة ومستمرة سعياً في رضى مشرفي الموقع..!! أعجب عمر بكتابات أحد الأعضاء فصار يتتبع كتاباته ومقالاته.. حتى علم فيما بعد أن هذا الرجل له عمود يومي في صحيفة (الوهن) فقرر عمر شراء هذه الجريدة يوميا بثمن بخس: ريالين فقط.. ورغم زهادة هذا المبلغ إلا أن أم عمر لما رأت وقرأت هذه الجريدة أقسمت له أنها لا تستحق ربع هذا السعر!!
[ مختص في شئون الإرهاب ! ]
صار عمر يحاول لفت النظر في ذاك الموقع.. فكان يرد ويؤيد ويعلق على مواضيع المشرفين وكبار الكتاب.. خصوصا ذاك الكاتب في جريدة الوهن..!! استمر عمر (أو عاشق الحرية) على ذلك مدة سنة كاملة.. كان يسطر فيها مقالات يسعى من خلالها لرضى كبار أولئك الأقزام.. حتى كتب ذات يوم مقالة بعنوان : (حينما يدرس الإرهاب في المساجد.. الحلقات أنموذجا !!).. طار الأشرار بهذا المقال.. ونال المقال وساما للتميز وتم تثبيته في الموقع.. حتى امتلأ عمر فرحا وزهوا ولذة ..! شاهد الكاتب في صحيفة الوهن تلك المقالة فقال لعمر: - ما شعورك لو شاهدت هذه المقالة على صفحات الجريدة؟ انفرجت أسارير عمر وهو يقرأ هذا السؤال.. وكتب : - لو نشر.. فلن أنسى لك هذا (المعروف!) طيلة حياتي.. !! يومان مرت على عمر كسنتين.. بعد ذلك رأى عمر مقاله في الجريدة وقد احتل مكانا كبيرا.. وفي صدر المقال : ( بقلم : عمر ... مختص في شئون الإرهاب !! ) .. الأستاذ سعد هو المشرف الذي تابع عمر في حلقة الجامع الذي نشأ في رحابها : عمر (الصغير).. شاهد هذا المقال بتوصية من أحد الطلاب.. فصُدم وأسقط في يده.. ولم يدرِ كيف يفعل..!! في هذه اللحظات وصلت إلى جواله رسالة.. فتحها مباشرة.. فإذا هي من رقم غريب.. !! فتح الرسالة وقرأ : (أرجوكم أنقذوا عمر.. لا تتركوه يسقط في مستنقعات الضياع.. شاهد مانشره له المنافق الشرير في جريدة الوهن.. عمر في رحاب حلقاتكم وعلى يديكم حفظ القرآن فأنقذوه.. الظروف أقوى مني ومشيئة الله فوق كل شيء.. أرجوكم أرجوكم أرجوكم.. أنقذوا ابني.. أم عمر).. تنهد الأستاذ سعد وأغمض عينيه.. ووضع يده على رأسه.. وبكى..!! الضيق والغم عنوان لذلك اليوم في حياة الأستاذ سعد..!!
[ عمر يغرق من جديد ! ]
تتابعت مقالات عمر في تلك الجريدة.. ورئيس التحرير إنسان لطيف يحب تشجيع الأقلام الشابة.. ولكن ليس أي قلم ولا أي شاب !! قال هذا الكاتب لعمر : - هيا يا عمر.. أنا أؤمل فيك الكثير !! أنتظر منك المزيد.. - لا تهتم يا أستاذي.. سترى ما يسرك.. عمر يبدو متحمساً جداً في هذه اللحظات.. ها هو قد كتب مقالا آخر على شاكلة المقال الأول بعنوان : (حينما يدرس الإرهاب في المساجد.. خطب الجمعة أنموذجا !!) .. وهكذا صار قلم عمر سيالا يتحدث عن أشياء أظهرها عمر وهو يعلم يقينا أن الحق خلافها !! صارت الدعوات تتوالى إلى عمر.. فهذا يدعوه إلى وليمة عشاء وآخر يدعوه إلى وليمة غداء.. حتى انتشى عمر زهواً وصار يشعر أنه إنسانا ذا قيمة.. وصار هو الآخر يدعو أولئك إلى نفس المجلس الذي كان جده يعمره بأهل الخير والصلاح والكرام من جماعة المسجد.. !! ذاك المجلس صار يحن إلى جد عمر بعد أن أصبح يشتكي كل ليلة من تلوث حسي وتلوث معنوي !! فدخان السجائر يملأ المجلس كسحابة عظيمة.. والغيبة والكذب والشتم والسب ولعب (البلوت) هو عنوان ذاك المجلس !! وازداد التلوث حين أحضر عمر جهاز (دش) يجلب صنوفا من القنوات الهابطة وذلك باقتراح من ذاك (الكاتب الكبير!!) .. ذاك المجلس باختصار : مستنقع شهوات وشبهات غرق فيه عمر !!
[ طعنة مفاجأة ! ]
في أحد الليالي.. انتهى ذاك المجلس العامر بالسوء في الساعة الثالثة صباحا.. وخرج أصحاب عمر من المنزل.. توجه عمر إلى غرفته لينام.. وفي طريقه إلى غرفته مر على غرفة أمه فسمعها تبكي.. فتوقف.. واقترب من الباب.. فسمع بكاء اقشعر معه جلده.. دخل غرفة أمه بهدوء فرآها متلفعة بحجابها مفترشة سجادتها رافعة يديها تدعو بصوت متحشرج : (( اللهم رد إلي ابني .. اللهم رد إلي ابني .. )) أغمض عمر عينيه وانطلق إلى غرفته وارتمى على السرير.. وسالت عينيه بعد طول جفاف !! مرت لحظات وعمر على حاله حتى سمع صوت رنين لطالما كان يسمعه.. إنه صوت تلك الساعة التي كان يضعها في يمينه وتنبهه دائما حين يبقى على الأذان عشر دقائق ..!! لكن هذه الطعنة لم تكن كافية لإيقاظ عمر.. وكعادته.. حين سمع الأذان غط في نوم عميق !!
[ عمر.. وقناة الحضارة ! ]
عند الساعة الثالثة عصرا.. استيقظ عمر على صوت الجوال يشعره بوصول رسالة.. فتحها عمر مباشرة.. قرأها فنهض من مكانه وأخذ يقرأها مرة تلو مرة.. لم يصدق ما في الرسالة فقرأها بصوت عال : (( عمر.. وجهت لي دعوة من قناة الحضارة للحديث عن الشباب والتشدد في الدين.. وطلبوا مني محادثتك لاستضافتك كشاب.. فكر وسأتصل بك لاحقا )) وفي رأس الرسالة اسم ذاك الكاتب الكبير في جريدة الوهن !! أصابت عمر حالة من الفرح والنشوة.. وقال في نفسه : - وهل الأمر يحتاج إلى تفكير ؟! قام عمر باندفاع يحضر للموضوع ويجهز لما يريد أن يقوله للجمهور المتابع لهذا البرنامج خصوصا أن القناة تبث من دولة أخرى !! في الليل اتصل ذاك الكاتب على عمر وأخبره بأن يوم الجمعة هو موعد البرنامج وأعطاه بعض التنبيهات التي يراها مهمة.. أعلنت القناة عن ضيوف تلك الحلقة.. فتفاعل أعضاء موقع رابطة الليبراليين العرب حين علموا أن عمر سيكون ضيفا فيها.. فتوالت المواضيع من قبل الأعضاء قبل المشرفين.. ووضع القائمون على الموقع إعلانا في واجهة الموقع الرئيسية : (الأستاذ عمر ضيف قناة الحضارة) ..!! وفي يوم الخميس - اليوم الذي يسبق الحلقة - استعد عمر للحلقة ولمقابلة الكاميرات لأول مرة.. ثم نام !
[ عاصفة تخمدها رسالة جوال !! ]
في صباح الجمعة.. استيقظ عمر مبكرا على غير عادته وهو ينتظر المساء بشوق ووجل ! أعدت له أمه الإفطار.. وهي لا تعلم أن ابنها سيخرج الليلة في تلك القناة.. أفطر عمر ثم ذهب إلى غرفته وبين يديه أوراق أعدها لتلك الحلقة.. يقرأ ويحفظ ويراجع.. أذن الأذان الأول للجمعة وهو منشغل بأوراقه.. دخل الخطيب ولا زال منشغلا بها.. دخلت عليه أمه : - عمر.. هيا ستنتهي الخطبة الآن !! - حسنا حسنا.. أغلقي الباب !! انتهت الصلاة وعمر يقلب أوراقه.. وهكذا مرت صلاة العصر وعمر على نفس حاله.. بعد صلاة العصر.. بدأ عمر بتجهيز ملابسه ومايتعلق بالمظهر الخارجي (أو اللوك كم يقولون) !! بقي على أذان المغرب أقل من ساعة واحدة.. رجع عمر إلى البيت واستحم وتجهز ولبس ملابسه.. ها هو عمر يستعد للذهاب !! في هذه اللحظات.. وقف عمر أمام المرآة في لحظة سكون قطعها صوت من الجوال ينبه عمر أنه قد وصلته رسالة.. فتح عمر الرسالة.. فتغيرت ملامحه واحمر وجهه.. وخلع غترته.. وارتمى على سريره.. وهو يردد بكل ذهول : إنا لله وإنا إليه راجعون.. إنا لله وإنا إليه راجعون !!
[ استفاقة عمر !! ]
كرر عمر قراءة الرسالة مرارا : (( شيخك سعد مات وسيصلى عليه ظهر غد السبت )) مر أمام ناظر عمر شريط ذكريات طويل ابتدأ منذ سني عمره الأولى وحتى حفظ القرآن على يد هذا الشيخ.. عادت له ذكريات جلوسه بين يدي أستاذه وترتيله القرآن وحفظه وفهمه.. الأستاذ سعد -كما كان يناديه عمر- هو من أرسلت له أم عمر قائلة : (( أرجوكم أنقذوا ابني )) .. وها هو قد مات وعمر على حالته.. !! أغلق عمر جواله.. وذهب إلى أمه قائلا وهو يبكي : - أمي.. أستاذ سعد مات اليوم ! صدمت أم عمر.. وصمتت واحتبست الكلمات في فيها لا تدري ما تقول.. هي كانت تؤمل أن يحقق رجاءها بإنقاذ ابنها عمر.. !! بكت كثيرا وأخذت تردد : إنا لله وإنا إليه راجعون ! اقتربت من عمر.. وقالت : - لا تحزن يا عمر.. أستاذك مات في يوم الجمعة.. ورحل وقد خلف شبابا كثر يحفظون كتاب الله.. ادع له يا بني.. ادع له ! قال عمر وهو يبكي : - أمي.. أنا من يستحق الموت !! أنا من يجب أن يموت.. كم أنا أحمق.. لقد كنت تلميذا عاقا وغير مهذب !! أذكر يا أمي حين قرأت بين يديه قول الله تعالى : (( كل نفس ذائقة الموت )) أخذته عبرة وارتعد.. فبكيت ولم أستطع الإكمال.. فقال لي : - والله ثم والله يا عمر.. كلنا سيموت.. سأموت وستموت وسيفنى كل ما على الأرض.. ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام ! ها هو مات يا أمي.. ها هو مات ! لم تستطع أمه أن تسمعه سوى البكاء ! بات عمر تلك الليلة في المنزل.. جواله مقفل.. وباب غرفته مغلق.. قد ضاقت عليه الدنيا.. حاول أن يتذكر متى آخر مرة فكر في شيء اسمه الموت.. فتذكر أن ذاك كان يوم وفاة جده وصديقه البراء ! توضأ عمر استعدادا لصلاة المغرب.. ثم انطلق إلى الجامع بعد انقطاع طويل عنه.. فلما دخل وقف عمر يتأمل جنبات هذا المكان الطاهر.. ها هنا جلس الأستاذ سعد.. وهنا جلست وأسمعته ما حفظت.. ها هنا غفوت فأيقظني أستاذ سعد بلطف وطلب مني أن أذهب إلى المنزل كي أرتاح.. رباه.. أي إرهاب كتبت عنه !! | |
|