يقول ابن دينار :
بدأت حياتي ضائعا .. سكيرا.. عاصيا .. آكل الحقوق .. آكل الربا .. أفعل المظالم .. لا توجد معصية إلا وارتكبتها شديد الفجور يتحاشاني الناس من معصيتي
يقول :
في يوم من الايام اشتقت إلى أن أتزوج وأنجب طفلة فتزوجت وأنجبت طفلة سميتها فاطمة .. أحببتها حبا شديدا وكلما كبرت فاطمة زاد الإيمان في قلبي وقلت المعصية في قلبي ولربما رأتني فاطمة أمسك كأسا من الخمر فاقتربت مني فأزاحته وهي لم تكمل السنتين وكأن الله يجعلها تفعل ذلك وكلما اقتربت من الله خطوة كلما ابتعدت شيئا فشيئا عن المعاصي حتى بلغت فاطمة ثلاث سنوات
فلما أكملت ثلاث سنوات ماتت فاطمة
يقول :
فانقلبت أسوأ مما كنت ولم يكن عندي الصبر الذي عند المؤمنين مما يقويني على البلاء فعدت أسوأ مما كنت حتى جاء يوما فقال لي شيطاني : لتسكرن سكرة ما سكرت مثلها من قبل !!
فعزمت أن أسكر وظللت طوال الليل أشرب وأشرب
فرأيتني تتقاذفني تلك الاحلام حتى تلك الرؤيا
... رأيتني يوم القيامة وأظلمت الشمس .. وتحولت البحار إلى نار .. وزلزلت الأرض
ورأيت الناس أفواج وأفواج وأنا أسمع المنادي فلا بن فلان هلم للعرض على الجبار
فأرى فلان قد تحول وجهه إلى سواد شديد من شدة الخوف .. حتى سمعت المنادي ينادي باسمي هلم للعرض على الجبار
يقول :
فاختفى البشر من حولي (هذا في الرؤية) وكأن لا أحد في أرض المحشر ثم رايت ثعبانا عظيما يجري نحوي فاتحا فمه وأنا هربت من شدة الخوف فوجدت رجلا عجوزا ضعيفا
فقلت:
آه : أنقذني من هذا الثعبان
قال لي .. يا بني أنا رجل عجوز ضعيف لا أستطيع ولكن اجر في هذه الناحية لعلك تنجو
فجريت حيث اشار لي والثعبان خلفي .. ووجدت النار تلقاء وجهي فقلت : أأهرب من الثعبان لأسقط في النار
فعدت مسرعا أجري والثعبان يقترب
فعدت للرجل : فقلت ..بالله عليك أنجدني .. أنقذني فبكى رأفة بحالي وقال الرجل : أنا رجل ضعيف كمى ترى لا أستطيع فعل شيء ولكن اذهب إلى ذلك الجبل لعلك تنجو
فجريت للجبل والثعبان سيخطفني فرأيت على الجبل اطفالا صغارا فسمعت الأطفال كلهم يصرخون : يا فاطمة أدركي أباك .. أدركي اباك
فعلمت أنها ابنتي .. وفرحت بأن لي ابنة ماتت وعمرها3 سنوات حتى تنجدني من ذلك الموقف
فأخذتني بيدها اليمنى ودفعت الثعبان بيدها اليسرى وأنا كالميت منشدة الخوف
ثم جلست في حجري كما كانت تجلس في الدنيا وقالت : يا أبت ..
ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله
يقول : يا بنيتي أخبريني عن هذا الثعبان
قالت هذا عملك السيئ أنت أنت كبرته ونميته حتى كاد أن يأكلك أما عرفت يا أبي أن الأعمال تعود مجسمة القيامة ؟
يقول: وذلك الرجل الضعيف : قالت : هذا عملك الصالح أنت أضعفته وهونته حتى بكى لحالك لا يستطيع أن يفعل لحالك شيئا
ولولا أنك أنجبتني ولا أني مت صغيرة
ما كان هناك شيء ينفعك
يقول :
فاستيقظت من نومي وأنا أقول قد آن يا رب قد آن , نعم
ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله
يقول :
واغتسلت وخرجت لصلاة الفجر أريد العودة والتوبة إلى الله
يقول :
دخلت المسجد فإذا بالإمام يقرأ نفس الآية
ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله
ذلك هو مالك بن دينار أحد أئمة التابعين
وهو الذي اشتهر عنه أنه كان يبكي طوال الليل ويقول : إلهي أنت وحدك تعلم ساكن الجنة من ساكن النار فأي الرجلين أنا ؟
اللهم اجعلني من سكان الجنة ولا تجعلني من سكان النار
وتاب مالك ابن دينار واشتهر عنه أنه كان كل يوم يقف عند باب المسجد ينادي ويقول :
ايها العبد العصي عد غلى مولاك .. أيها العبد الغافل عد إلى مولاك
أيها العبد العبد الهارب عد إلى مولاك .. مولاك بالليل والنهار يقول لك :
من تقربت إلي شبرا تقربت إليه ذراعا ، ومن تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعا،
ومن أتاني ماشيا أتيته هرولا
ونحن .. أما آن لنا أن نعود إلى الله ونتوب فلنعاهد أنفسنا أن نعود إلى الله ونتوب ونحن ذنوبنا قد كثرت والساعة قريب .. فلنعاهد أنفسنا للعودة والرجوع والإنابة
لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين